المسرح اليونانى القديم

2016-04-10 22:44

 

المسرح اليونانى القديم

 

مصدرة و ميلادة

 

أن الدراما اليونانية هى خلق شعرى مركب يهدف الى رفع المستوى الفكرى للمتفرج ، فلم تكن الدراما عبارة عن جملة

أو وسيلة فقط للتعبير ولكن مشاهد مسرحية متكاملة تقدم أحداث قوية يتفاعل معها المتفرجين مع الممثلين على خشبة المسرح ليكونوا معا دراما حقيقية و سيمفونية 

وتنحدر الدراما من مواقف و أحداث من الاساطير الدينية القديمة

وبذلك ارتبط ظهورها فى البدايه بحفل يقام سنويا على شرف آله

الخمر( ذ يونيسوس ) ، وكانت تلك الحفلات لها أهمية كبرى فى

المجتمع الاثينى القديم ، حيث يتوافد المؤيدون و المشجعون 

والعاشقون للآلهة بأعداد كبيرة و بشعور بالبهجة ، وكان الهدف

النهائى هو الوصول الى حالة النشوى و اللذة و المتعة 

ومن هنا بدأت الدراما عام – خمسمائة و ثلاثة واربعين قبل الميلاد- فى منطقة ذيونيسوس ( أكروبوليوس ) ، حيث تطورت

الدراما كنتيجة حتمية لتواجدها داخل المجتمع الاثينى المتطور 

 

 

تتكون الدراما من أشكال ثلاثة :-

أولا :- التراجيديا

ثانيا :- الكوميديا

ثالثا :- السخرية الدراميا

وقد حدثنا الفيلسوف العظيم ارسطو ( أن التراجيديا هى تقليد

لحالة مهمة وجادة و أعادة للوقائع التى حدثت فى الماضى )

و أن كانت غير مشروطة بتمثيل الواقع حرفيا ، ولكن بطريقة

وبأداة حرة و منفعية .

# ومن أهم أشكال التراجيديا ( هو العمل المسرحى ) وهدفة هو

أعداد المتفرج و قيادتة الى طريق مملوء بالاحاسيس و المشاعر

و الخوف والرهبة و المتعة و اللذة ، بهدف تفاعل المتفرج

فى الحضور المسرحى عاطفيا و منطقيا ، وبذلك يشترك المتفرج ويتعاطف مع الحدث ، وأن كان يختلف مع مواقف القدر .

# ومفهوم ومعنى كلمة النشوى فى الفكر المسرحى اليونانى هو

الوصول بالمتفرج من خلال العمل الفنى المسرحى الى هدوء البال

والشعور بالراحة النفسية والتأكد من النصر فى النهاية .

و أن مسألة النصر لبطل الرواية هو موقف أخلاقى أو أعادة

الأوضاع على نصابها الاخلاقى ، وبالتالى فأن المتفرج يستطيع الوصول الى الخلاص و يرتقى الى المستوى الفكرى العالى

و التفاعل مع الحالاتالأنسانيه المرتفعة

 

 

العظماء الثلاثاء

فى الفكر المسرحى اليونانى القديم

 

اسخيلوس

 

 

أقدم مؤلف مسرحى يونانى فى العصر القديم ( خمسمائة و خمسة و عشرين قبل الميلاد ).

ولد فى الف سينا ، وأنحدر من أسرة اروستقراطية ، حيث تلقى التعليم

العالى ، وكانت هوايتة الكتابات المسرحية ، حيث حصل على أول جائزة

فى المباريات التى كانت تقام فى المسرح الاغريقى القديم عام ( ربعمائة

و اربعة و ثمانين قبل الميلاد )وأن لم تكن الجائزة الوحيدة فى حياة

اسخيلوس ، بل حصل على ثلاثة عشرة جائزة اخرى بعد ذلك .

# وتمتاز أعمال اسخيلوس فى التأليف المسرحى بعدة عوامل أهمها :-

أولا :- شعور المتفرج بأهمية وقيمة الحياة عند الانسان من خلال النص

المسرحى .

ثانيا :- مواجهة المؤلف بقوة وأقتدار لفكرة الحياة والموت .

ثالثا :- البقاء الانسانى يجب أن يكون فى حدود وسطيه ، كما أن البشر

يجب أن يحترصوا من الشكل الانتقامى المتواجد فى بعض عناصر البشر بل وبعض الآلهة.

رابعا :- الانسان فى تراجيديا اسخيلوس ليس فرد ، ولكن عنصر مهم فى المجتمع الانسانى ، وكذلك فى مجتمع الآلهة ، بل وعنصر متواجد بقوة فى الطبيعة .

# ومن هنا نستخلص أن اسخيلوس هو المؤسس الاول للتراجيديا

والمسرح اليونانى #

والجدير بالذكر أن اسخيلوس كان يشترك بنفسة فى التمثيل أثناء المسرحية ، وذلك فى عدة صور و أشكال متعددة ، فأحيانا يكون

ناقد – أو راوى – أو عضو فى المجموعة – أو فى الكورال .

أن أعمال اسخيلوس تعتبر الاساس الاول و الدعامة الاولى التى قام

عليها المسرح اليونانى ، بل و مازالت أعمالة حتى الآن تدرس .

 

أهم أعمال اسخيلوس

 

# اولا :- الفرس .

# ثانيا :- السبعة ضد طيبة .

# ثالثا :- المستجيرات .

ثم الثلاثية المشهورة وهى :-

*** اجامنون

*** حاملات القرابين

*** الصافحات

 

وفى عام ( ربعمائة و خمسة وعشرين قبل الميلاد ) خسر اسخيلوس

أول جائزة له مع خصمة سوفوكليس .

مما أدى الى هجرته الى صقلية ( بيلا ) حيث مات هناك فى عام

( مائتين و ستة وخمسين قبل الميلاد ) ، وترك لنا تاريخ مسرحى عظيم

على مدى الاجيال .

 

سوفوكليس

 

 

 

ولد عام ( ربعمائة و سبعة وتسعين قبل الميلاد ) من أسرة أرستقراطيه

فى كولونوا خارج العاصمة اثينا .

من أقدم المؤلفين للمسرح اليونانى القديم ، ويذكر لنا التاريخ :

أن أول محاولة لة لدخول مباريات المسرح اليونانى حقق انتصار على

اسخيلوس ، كان محبا لوطنة و لبلدتة .

حصل على عديد من الاوسمة بالرغم أنة رفض دعوات كثيرة من الملوك

للعمل كمستشار ، وكمساعد للقائد اليونانى العظيم ( بركليس ) .

أحب مدينتة ، ومات فى مدينتة عام ( ربعمائة وستة قبل الميلاد )

عن عمر يناهز تسعين عام .

 

# أن شخصية سوفوكليس عديدة الاوجة و الملامح .

حيث يجد الانسان صعوبة بالغة فى فهمها .

فكان رجلا يحترم الآلهةولكن بدون أدنى تعقيدات بشرية ، ولذلك قدم

من خلال أعمالة دور الآلهة وقدرتها على التحكم و التصرف فى مقدرات

الانسان ، وفى نفس الوقت كان ينادى بأن الانسان يجب أن يكون حرا

لكى يحدد أعمالة ، و أخطائة ، و أختياراتة بنفسة

 

وفى نفس الوقت على الانسان أن يكون مستعدا لمواجهة النتيجة

مهما كانت .

وبالتالى فأن سوفوكليس كان حساسا دقيقا أمام المشاعر الانسانية .

وهذا يظهر من خلال أعمالة و أبطال مسرحياتة الذين فجروا

 

 

افربيدس

 

 

 

## ولد افربيدس ( عام ربعمائة وثمانين قبل الميلاد ) فى ( سلامينا )

من أسرة ارستقراطية، وكان يمتلك عن أسرتة مكتبة كبيرة .

## ظهر كمؤلف للمسرح اليونانى القديم فى وقت عصيب أثناء التحديات

الكبيرة للمؤلفين المسرحيين .

حيث توفى اسخيلوس فى ذلك الوقت بعد نجاح كبير ، وعلى مدى خمسة

واربعين عاما ، وكان سوفوكليس. متواجدعلى المسرح اليونانى القديم و على مدى عشر سنوات بنجاح كبير فى مواجهة مؤلفين 

آخرين فى مجال المسرح ، ومن هذا المنطلق فأن الوقت كان عصيبا لافربيدس بصفته شابا يواجه تحديات كبيرة من مؤلفين عظام 

، بل وعصر ملىء بالعمالقه فى المجال المسرحى .

ولم يسعى افربيدس فى كسب مكان له وسط هؤلاء العمالقه من رجال المسرح : # اسخيلوس - ## سوفوكليس

ولكنه أختار طريق آخر ، و فكر أخر ، أعاد للمسرح الاغريقى شبابه و حيويته ، وأصبح ظاهرة جديدة أمام المتحفظين من عظام المسرح .

الا أنه أستطاع أن يحصل على جائزة المسرح مرة واحدة فقط .

ويذكر التاريخ لنا أن بعد وفاته أصبحت أعماله من أهم الاعمال المسرحيه اليونانيه الشهيره و التى لاقت حب الجماهير ، بل تدفق

 

مسرح افربيدس الى مساحه واسعه خارج اليونان ، بحيث غطى مساحه شاسعه فى أوروبا .

كان افربيدس فريد فى فكره ، حيث حلل الطبيعه الانسانيه و المشاعر

الداخليه ورغبتها و أهدافها و محركاتها عند الانسان .

وحاول أن يضع الحقيقه واضحه ويستخدم فى نفس الوقت عنصر

الشك مع التعليق والتساؤلات عن أى شىء و كل شىء دون أن يغلق

الباب أبدا حول امكانية خطأ الآلهه .

فكان قمه ثالثه من قمم المسرح الاقريقى القديم .

 

أهم أعمال افربيدس

 

# اليكترا

# ايفجينيا

# طرواده

## هيلين

## ميديا

 

و من هنا نستخلص الملامح النهائيه لاعظم الكتاب المسرحيين فى تاريخ

الفكر المسرحى اليونانى القديم ، من حيث الطبيعه و الاسلوب والشكل .

وبالتالى نستطيع القول أن :

اسخيلوس هو المؤسس الاول للدراما اليونانيه ، وأن اعماله تعتمد على

أسلوب واحد ، برغم رؤيته لفكرة العداله الآلهيه .

اما بالنسبه :

لسوفكليس قد قدم على المسرح البعد الانسانى للفرد ، وقدرته على

أن يكون متحكما و قادرا على مواجهة قدره

وأخيرا نأتى الى :

افربيدس الذى أستطاع و بكفائه وقدره أن يحلل الطبيعه الانسانيه من

خلال الواقع الحقيقى للانسان دون تحدى للآلهه .

 

أساس الفكر الدرامى عند المسرح اليونانى القديم

 

تعتمد التراجيديا القديمه اليونانيه على عاملين :

العامل الاول : الاسطوره

العامل الثانى : اللغه

بالنسبه للاسطوره فقد أحتوت عل كل عناصر التراث اليونانى

القديم والاحداث القديمه .

أن الاسطوره تعتبر عامل مهم ومسيطر فى يد المؤلف الدرامى ،

بل انه يعتبر شىء مقدس فى الهيكله التراجيديه .

وبالنسبه للعامل الثانى وهو اللغه ،فهو عامل قوى وفعال لاهمية الكلمه

وقدرة اللغه على اعطاء ابعاد غنيه وثريه للتعبير عما يجول فى شعور المؤلف الشاعر .

وبالتالى فأن اللغه هى شىء مقدس فى البناء الاساسى التراجيدى .

 

الاسطوره

أصبحت الاسطوره شىء اساسى فى الفكر الايدولوجى بحيث دخلت

الاسطوره مع الحدث من خلال العادات و التقاليد للمجتمع اليونانى

القديم ، وبالتالى فأن الاسطوره أصبحت شىء مقدس وواقعى للتراجيديا

و تتمتع الاسطوره بعدة عناصر أهمها :

# شرح الملامح الهوميريه .

# الاحداث و الاساطير التى كانت تدور خلف الابواب فى القصور الملكيه فى ( طيبه – كريت _ ارجوس )

من أهم الاساطير التى وجدت نفسها على المسرح بأقتدار هى أسطورة

( ديمترا وابنتها بيرسيفونى ، وكذلك رب الارباب ثيوس أو ذياس ،

أسطورة ذيونيسوس وابوللون ) .

كل هذه الاساطير كانت اساسا قويا فى الفكر اليونانى القديم ، بحيث اعتمدت على مصادر مثل : اسطورة هيراقل _ و اسطورة طرواده

القبرصيه الدانائيه الاثيوبيه _ واسطورة برومثياس .

 

اللغه

 

أن العامل الثانى كان اللغه بكل فحواها وقوتها من عمق الكلمات ،

وقدرة هذه اللغه على تهيئة المناخ و اثراء العمل المسرحى والشعرى .

وبالتالى فأن العامل الثانى هو عامل مقدس للتراجيديا و الفكر اليونانى القديم .

وكانت اللغه اليونانيه القديمه مكونه من سبعة وثمانين علامه على

الحروف المتحركه والساكنه ، أى ما يشبه بنظام الاختزال ، وظلت

على ذلك حتى تبنت اليونانيه الحروف الفينيقيه .

لقد طورها اليونانيون حتى أصبحت على هذا النحو لغه قابله للحديث

وكان ذلك قبل القرن الثامن فى تقديرنا .

وبالتالى فأن ملامح هوميروس كانت المصدر اللغوى الاول والاساسى .

ومن هنا جاء الطاغى الاثينى ( بيستراتوس ) وقدم النظام الرابسودى

أو الرابسوديه ، مع أستخدام الفلاوتو _ القيثاره _ و أستخدام العصا .

 

و الجدير بالذكر أن هناك ظواهر تؤكد على وجود نصوص يونانيه

قديمه ، وكذلك نصوص أدبيه منذ فترة الف و ستمائه قبل الميلاد

حتى الف و مائتين قبل الميلاد، وقد كتبت هذه النصوص بلغة أكتشفت

موجوده على أوانى فخاريه فى معبد ( كنوسوس ) .

كما أن اليونانين القدماء قد أعتمدوا فى أغانيهم و أشعارهم على

ما يسمى : _

# استروفا ( الدوران أو اللف )

## اندستروفا ( الدوران المعاكس )

### ابوذوسى ( المضاده )

وقد ظهر هذا واضحا فى أشعار ( سيميونيدى و بينداروس ) .

وبرغم أن سيميونيدى كان أكثر شهره وخصوصا فى مجال الشعر عن

بينداروس ، الا أن بينداروس قد ظل فى عبق التاريخ ، حيث تعدى

شعره خارج الحدود اليونانيه ، ووصل الى روما و الاسكندريه وقبرص

أن الشاعر اليونانى القديم بينداروس من مواليد ثيفا ( طيبه ) عام

خمسمائه و اثنين وعشرين قبل الميلاد ، وينحدر من أسره أرستقراطيه

من محافظة ( فيوتيا ) وتعلم الشعر والادب فى أثينا ، وظل محافظا على

عادات و تقاليد الآله ( أبوللو ) .

أن شعر بينداروس يعتبر حلقة وصل بين الفكر المسرحى اليونانى

القديم والشعر اليونانى مع العالم الخارجى ، وبالتالى فلقد تم الاعتراف

به على انه أعظم الشعراء اليونانين فى كل العصور ،

حيث يتبين لنا من شعره الجمال مع الرقه و العذوبه بجانب الضعف

الانسانى أمام قوة المجد و الآلهه .

 

عالمية المسرح اليونانى القديم

 

أن المسرح والادب اليونانى أخذ طابع الاستقرار منذ انشاء المكتبات

الاولى فى أثينا ، بحيث أصبح لهذه المكتبات رواد من القراء ، ويذكر

التاريخ أن الطاغيه الاثينى ( بيستراتوس ) هو أول من أسس مكتبه

فى أثينا .

ثم جاء من بعده ( بوليقراطوس ) جيث انشأ أول مخزن لتجارة الكتب المسرحيه فى جزيرة ( سامو ) و على هذا النحو ظهرت مكتبات كثيره

أخرى ، و أنتشرت فى عصر ( أفلاطون _ أرسطو تيلوس ) وبعد فتره

ظهرت أعمال المسرح اليونانى القديم فى مدينة الاسكندريه و روما و صقليه و قبرص . وان كانت الاسكندريه تأخذ طابع خاص ، وذلك من

خلال مكتبة الاسكندريه التى جمعت كل أعمال الفكر اليونانى القديم حتى

عصر الملكه كليوباترا آخر ملكه مقدونيه ( خمسين سنه قبل الميلاد ) .

وبعد دخول الرومان الى الاسكندريه ، ظهر المسرح اليونانى القديم بقوه فى أوروبا وذلك من خلال أكبر مركز حضارى فى ذلك العصر وهو

( مكتبة الاسكندريه ) ، وبالتالى أعطى الحضاره الى المجتمع الاوروبى .

وأدى فى النهايه الى ظهور عصر الميلاد ، ثم عصر النهضه .

أن الادب الاوروبى و المسرح الاوروبى قد اعتمدا اعتمادا كليا على

مصدرين :_

أولا :_ المصدر الكلاسيكى اليونانى و المسرح اليونانى القديم .

ثانيا :_ المصدر الثانى : أن ترجمة ( الالياذه _ و الاوديسا ) الى اللغات الانجليزيه و الفرنسيه و الالمانيه أعطوا دفعة قوية لبناء المسرح

الكوميدى الفرنسى ، بل ظهر فى الجامعات الاوروبيه مثل كمبردج -

وأكسفورد و لا ننكر أن أشعار بينداروس كانت تهزم بقوه أشعار شكسبير .

أن المسرح الاوروبى قدم( الانثروبومورفيزم ) بمعنى تصدي

الآله كما لو كان بشر على خشبة المسرح .

أن الحقيقه التاريخيه التى تؤكد أن الثقافه اليونانيه و الفكر المسرحى

القديم هم الاصل للحضاره و الثقافه الاوروبيه .

فأننا نستطيع القول أن المسرح اليونانى القديم هو ثقافه انسانيه وعلميه.

و أيضا عالميه