الكندي... فيلسوف العرب

2014-07-23 11:25
 

الكندي... فيلسوف العرب

 
Al Kendi: the Philosopher of the Arabs
 
Αλ Κέντι: ο Φιλόσοφος των Αράβων
 
 
 
 
 
 
 

أبا يوسف يعقوب بن اسحاق بن الصباح بن عمران بن اسماعيل بن محمد بن الأشعت بن قيس . عربي من كندَة ... و يرجع نَسَبُة إلي الجد 

الأعلي قحطان 
و ابنائُة من ملوك اليمن. و قد وصفهم ... الأصفهاني في كتابة الأغاني بقولة 

"ان كندَة لا يعدون من اهل البيوتات و انما كانوا ملوكاً. 

و لد الكندي تقريباً عام 185 هجرية – 801 ميلادية , و يعود سبب الغموض في تاريخ ميلادة إلي اوضاع اسرتة المضطربة... فقد تعرضت علي مَرّ الأجيال التي تلت جدُة الأكبر الأشعث بن قيس إلي متاعب عديدة نتيجة لأنخراطها في الحياة السياسية .

فقد كان الأشعث قائداً لجنود كندة في معارك صفين بجيش (الأمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهة)  و عندما استتب الأمر لمعاوية و أستقر في الكوفة  انضم محمد بن الأشعث إلي ثورة عبد الله بين الزبير و الذي و لاّة الموصل و لكنة قتل في  67 هجرية و تولي اسحاك بن 

الصباح ولاية الكوفة في عهد المهدي حتي وفاتة 193 هجرية

 

نشأة الكندي

 

نشأ في عصر سادت فية الحرية و خصوصاً في مجال التعليم كَما كَثُرَت حلقات العلم التي كانت حافلة بالأخذ و الرد في القضايا الدينية و الفلسفية .

و قد نَهَلَ الكندي من كل علوم عصرة بحماس يساعدة في ذلك ذكاء و قاد ورغبة في البروز و الأرتفاع إلي مجالس الملوك و السمو إلي مقامهم فدرس الطب علي كتب جالينوس و ابقراط ... فبرز و نافس علية مع مشاهير عَصرُة و قد انتقل للدراسة علي يدية اثنان من تلاميذ اشهر اطباء في ذلك الحين.  

فقد درس علية ثابت (تلميذ عيسي النصراني) و حبيش (تلميذ اسحاق بن حنين) مما يدل علي نبوغة و رسوخ قدمة في علم الطب. كما درس الكندي الفلسفة 
و خاصة المؤلفات الفلسفية اليونانية التي وضعها افلاطون و أرسطو 
و الأسكندريين. و ساعدة علي ذلك معرفتة باللغة اليونانية فكان أبرز شارحي هذة الفلسفة. و في عصر المأمون الذي شجع الفلسفة بل و أمر بأن تحمل الية كتب الفلسفة من اليونان. ثم انشأ (دارالحكمة) كما أعتاد المأمون ان يجلس للمناظرة في الفقة. و بذلك خدم الثقافة الأسلامية عن طريق اهتمامة الشخصي بعلوم اليونان.

و لعب ابو يوسف يعقوب الكندي دوراً كبيراً في مجال الترجمة و التحليل و الي جانب دراستة الفلسفية قام ببحوث في التاريخ الطبيعي و علم الظواهر الجوية كما وقف سلبياً من الدعاوي الخادعة التي كان يرددها رجال الكمياء في عصرة.
و لم يصلنا من نتاج الكندي إِلا القليل و لكن استناداً إلي ما بقي من مؤلفاتة و مما نشر اخيراً في مصر "أبو ريدة رسائل الكندي الفلسفية " نجد أن المائة و اثنين 
و اربعين كتابا التي نسبها الية ابن النديم هي رسائل و مقالات تتناول بالبحث في المنطق و الفلسفة الاولي و الحساب و الهندسة  و الطب و علم النفس 
و السياسيات و الموسيقي و الفلك و التنجيم و طبيعة الاقاليم. 
و برغم اتساع الكندي في مجال التأليف إِلا أن المؤرخين قد اختلفوا في شأنة فمنهم من نظر إلية كعالم في الطبيعة و الرياضيات بينما نظر إلية البعض الأخر علي أنةُ أحد كبار أعلام الفلسفة العربية . و مهما يكن من الأمر فقد اتفق جميع المؤرخين علي انةُ أول من حاول ردم الهوة بين الفلسفة و الدين كما يذكر لَةُ انةُ وضع التخطيط العام لتصنيف العلوم. فقسمها إلي قسمين:-

 2. علم الفلسفة 1. العلوم الدينية

و أهم رسائل الكندي : رسالتة في الفلسفة الأولي –  عن سجود الجرم الأقصي و طاعتة لله عز و جل.  و أهم مؤلفاتة نجدها في : التوحيد –الأستطاعة و زمان كونها.... و تعتبر رسالة الكندي في الفلسفة الأولي من أهم رسائلة التي ارسلها إلي الخليفة المعتصم . و فيها يعرف الفلسفة بانها

" علم الاشياء بحقائقها بقدر طاقة الانسان"

 بينما عرف الفلسفة الأولي بانها

"علم الحق الأول الذي هو علي كُل حق"

 

كما عالج الكندي العلم الألهي و اعتبرة المبدأ الأول لجميع الأشياء و ينعتة احياناً بالأزل و أحياناً بالواحد الحق.

و تقوم فكرة الحق عند الكندي علي مبدأ عدم تصور عدمة أو وجودة عن علة غير ذاتة ويضيف أن ألكائن الأزلي لا يتغير و لا يفسد لأن التغير يأتي من الاضداد المتقاربة "الحار – البارد – الرطب اليابس الحلو – المُر " معتبراً أن صفات الذات الألهية هي الوحدانية و لم يتزعزع ايمان الكندي في العقائد الأسلامية وبقي مؤمناً راسخ الأيمان و لم تؤثر دراساتة العديدة و الشاملة للفلسفة علي مباديء الدين الثابتة في نفسة. و كان مؤمناً بخلق العالم و بصحة الوحي النبوي و بعناية الله الشاملة... و سخر حصيلتُة الفلسفية في خدمتة للمعتقدات الأسلامية . 
يقول القاضي أبو القاسم صاعد بن أحمد الاندلسي المتوفي في عام   624 هجرية في كتابة -  "طبقات  الأمم" و في معرض كلامة عن العرب 
"و أما علم الفلسفة فلم يمنحهم الله عز وجل شيئاً منة و لا هيأ طباعهم للعناية بة.  الا أبو يوسف يعقوب بن اسحاق الكندي ".(فقط).

ثم كتب عنة الوزير جمال الدين ابو الحسين القفطي المتوفي في عام 646 هجرية في كتابة "أخبار العلماء بأخبار الحكماء"

– يعقوب بن اسحاق الكندي المشتهر في الملة الأسلامية بالتبحُر في فنون الحكمة اليونانية و الفارسية و الهندية.و كان الكندي ملخصاً و شارحاً للفلسفة اليونانية بل والمدافع عنها و الناطق بلسانها. و هو يمثل فترة من اصعب الفترات في التاريخ الأسلامي و التي كثر فيها الصراع بين الدين و الفلسفة. و اتهم الكندي من بعض رجال الدين الذين يتملقون السلطان و لا يتبعون الحق. بل ويأكل الحسد قلوبهم التي يملأها الخوف علي كراسيهم و مناصبهم كما اتهم رجال الدين بضيق الافق والمتاجرة بالدين. و منهم ابو معشر البلخي و احمد بن داود.

 هذا و قد حظي الكندي برعاية ثلاثة من الخلفاء العباسيين .

 المأمون       813-833 م    - المعتصم 833-842 م      - الواثق 842-847  م 

. أما في عهد المتوكل  847-861 م  -  فقد اصيب الكندي بنكسة و توفي بعد المتوكل بخمس سنوات ... و علي أرجع التقديرات سنة  866  م.

و لقد حفظ لنا التاريخ بعض النماذج من النوادر التي كانت تروي عن الكندي 
 تُبَين لنا مدي اشتغالة بالفلسفة حيث أوردها صاحب لسان الميزان عندما قال ....

 

(أن  أمَة أرسلت تطلب منة ماء بارداً فقال للجارية : أملئي الكوز من عندها 
و املئية ليها من المزملة . ثم قال : أعطتنا جوهر بلا كيفية... و أعطيناها جوهر بكيفية... و الجوهر هنا الماء و الكيفية هي البرودة . لقد كان الكندي بحق فيلسوف الحضارة العربية و الأسلامية في النصف الأول من القرى الثالث الهجري و المُعبر الأصيل عن الفكر الفلسفي اليوناني و العلوم اليونانية القديمة.

رحم الله أبا يوسف يعقوب بن اسحاق الكندي )

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

فَأَمَّا الزَبَدُ فَيَذهَب جُفاءً و أَمّا مايَنفَعُ النّاسَ فَيَمْكثُ فِي الأرض و كَذَلِك يضربُ اللهُ الأمثال

صدق الله العظيم

 

*************************

 

المراجع

 

 الكندي ... فيلسوف العرب : جريدة الرأي العام القاهرية – 1988
 بقلم أ.د. أمين أحمد عزالدين

 

 الكندي و الفلسفة اليونانية : مجلة الحضارة العربية – اصدار : اثينا , اليونان 1990 بقلم أ.د. أمين أحمد عزالدين

 

دراسات في فلسفة التاريخ – كتاب اصدرتة الجمعية العلمية اليونانية للدراسات العربية و الاسلامية باللغة الانجلزية و اليونانية بقلم أ.د. أمين أحمد عزالدين– اثينا – اليونان – 1995

 

 الاسلام و العلوم الاسلامية باللغة اليونانية و الانجلزية تحت اشراف المجلس الاعلي للبحوث الاسلامية بالازهر – بقلم أ.د. أمين أحمد عزالدين –2000

 

 العصبية قبل و بعد الاسلام و الفكر الفلسفي اليوناني – مجموعة مقالات صادرة باللغة اليونانية و العربية – 1986 – اثينا – اليونان

 

عابر سبيل

أ.د. أمين عزالدين 

 

 

**********************************