العصبية الخلدونية والفكر الأرسطي
العصبية الخلدونية والفكر الأرسطي
Ibn Khaldun's Assabiyah and Aristotle Thought
Η Assabiyah του Ιμπν Χαλντούν και η Αριστοτελική Σκέψη
سبعة قرون مرت ولم تُعطَيَ لهذة الكلمة حقها في البحث
و التنقيب عن أصلها و معناها حتي جاءت الفرصة لأبن خلدون حين أستطاع أن يضع للكلمة معني علمي دقيق , هذة الكلمة التي تطورت بعد ذلك و أصبحت صورة واقعية في جميع المجتمعات بل و أهتم بها علم التاريخ بل و العلوم الأخري, و لقد استطاع ابن خلدون ان يُحَمل كلمة العصبية معاني عديدة و علمية وبذلك أضاف الي عملة مراحل وابعادا كبيرة و مختلفة بتحويل هذة الكلمة لُغوياً و تهذيبها حتي تساير التعاليم الأسلامية... هذا ما نجح فية ابن خلدون باعجاز
و مقدرة لغوية حتي يوضح نظريتة , فمن المعاني التي قدمها لهذة الكلمة.
(روح الجماعة الأخوة – الصداقة الآرسطية – الأحساس – التضامن – الأنتماء إلي الجماعة)
و معاني اخري قوية و حقيقية مما جعل الباحثين من العرب و الاجانب ان يكتبوا كلمة العصبية كما هي (عصبية) دون ان يترجموا هذة الكلمة إلي أي لغة اخري.
العصبية – لَغوياً
***************
هي كلمة عربية لها عدة معاني (مُرَكَبَة) و إلي الآن فقد حاول المترجمين الأجانب مراراً و أن يترجموا هذة الكلمة وأن يعطوا لها معني و لكن لم يستطيعوا ذلك, فأن هذة الكلمة العربية تخفي معاني مختلفة و من الصعب ترجمتها (جذرياً) فأصل الكلمة (عَصَبَ)
و الجمع أعصاب و كفعل عَصب اي (يربط) و(يقال) عصبُ الشيء يَعصبُة اي (طَواة) و (لَواة) وقيل شَدُة و رَبَطُة و كصفة (عَصَبي) فعلي سبيل المثال نقول عَصَبي المزاج , وكأسم – عُصبَة ... عصابَة – اي مجموعة قوية.
و اعتَصَبوا أي صاروا عُصبة , و تَعصبّنا لَةُ (نَصرناة) و أعصَوصَبوا أي استَجمَعوا و صاروا عصابة , عَصَبنا أي قَبَضنا علي من نُعادي
و ذَلك لأن العصبيَة تَحمل كُل العوامل الوراثية و الداعية إلي البقاء عند الأنسان و الحَيوان.
معاني لغوية اخري لكلمة عصبية
تعني (ضمير – رغبة – أُسلوب –إتتماء الفرد إلي الجماعة أي الأنتماء إلي الأُسرة – القرية – المجموعة- الوطن ) وياتي منها كلمة تَعَصُب : أي التصعب إلي شيء أو رمز و بذلك نري أن هذة الكلمة تَحمل في جوفها احساس – مشاعر – رغبة فكرية –إنتماء الأسرة
أو الدَم – العقيدة - الأرادة التي تنطلق من داخل الأنسان لتُعَبر عن إنتماء أو فكرة أو بَقاء و هذا من أجل الحفاظ علي المبدأ.
العصبية و الجاهلية قبل الأسلام
كلمة عصبية هي كلمة عربية ظهرت قبل الأسلام بين القبائل العربية و في مجتمع كان مليء بالصراع الدموي و القتل و الثأر و الحروب الأهلية ... و كانت الحروب هي الوسيلة الوحيدة للبقاء في تلك الصحراء المتوحشة...
ومن خلال ذلك ظهرت العصبية ... كقيمة ورمز و معني لشعارات عديدة بل و ظهرت العصبية ككلمة من خلال الأغاني و الأشعار و هي تشرح لنا مفهوم النظام القبلي و الحياة في تلك المجتمعات و التي أخذت طابع الهجوم المفاجيء من أجل البقاء و كصورة تعبيرية عن وجود القوي في الصحراء ... و هذا النظام اسمة (بيات) و هو تعبير عن تحمل وقوة العصبية في مواجهة الأعداء ومدي قدرتها علي البقاء...
و قد اعطت العصبية جانب سلبي في تكوين الأسلوب الفردي مثل التصعب الأعمي – الطاعة – حب العظمة – الكبرياء – شهوة السلطة.
و برغم ذلك ظهرت جوانب أُخري في العصبية أعطت لنا معني ايجابي مثل (الحرية – الضيافة – نجدة الضعيف – روح المغامرة – حماية الاجئ – الثبات و الاعتداد...)
كل ذلك ظهر و اضحا في الشعر الجاهلي.
و كما قال, الشاعر العربي زهير
"انا و اخي ضد ابن عمي و انا و ابن عمي ضد الغريب..."
******************
العصبية و القرآن
, و قد هاجم الأسلام نصرة العصبية وحكم عليها بالجاهلية لائها تؤدي إلي الدمار وسوء المعاملة و الهمجية... و علي سبيل المثال حرية الأب في أن يؤد إبنتة خوفاً من الفضيحة و العار, كما كانت حرية شرب الدماء و الخمر و التخلي عن الحق و المنطق...
تلك كانت عيوب المجتمع الجاهلي قبل الأسلام. ولقد علم القرآن وهذب هذة المجتمعات بتعاليمة الحنيفة وأرسي قواعد الأحترام المتبادل بين الأفراد و تحديد العلاقات الأجتماعية و كذلك تحديد العلاقة بين الفرد و خالقة, و بذلك تَحدَد معني كلمة العصبية بعد أن آزال الأسلام الفوارق بين الأفراد و بين القبائل من حيث الطبقية
و السلطان و الجاة و المال و أصبح لا فرق بين أبيض و أسود و بين الأعجمي و العربي إلا بالتقوي والأيمان و لقد هذب القرآن و التعاليم الأسلامية العصبية العربية و علم الناس الأيمان و الطاعة لله و بذلك انتهت الجوانب السلبية في العصبية العربية.
***************
و قد كان لي الشرف أن أكون صاحب أول رسالة دكتوراة عن ابن خلدون في الجامعات اليونانية و كانت بعنوان "فلسفة العصبية العربية عند ابن خلدون – البعد الأجتماعي و السياسي " و تقدمت بالبحث عام 1980 و أعترف انني علي مدي سبعة سنوات من العمل الدائم حول كلمة العصبية التي ليس لديها مرادف في الفكر اليوناني
و الفلسفة اليونانية مما جعل الأمر في غاية الصعوبة لأنني كنت اواجه عمالقة الفكر الأغريقي القديم و المتعصبين للفلسفة اليونانية , و في النهاية لم يجدوا اساتذة الجامعات اليونانية مقابل لكلمة العصبية عند افلاطون, او أرسطو وبالتالي اصبح التحدي و المواجهه قوية
بل و اشتد الصراع بين الفكر الخلدوني و الفكر الأرسطي و كاد الموقف يؤدي الي انفجار رهيب و ذلك لعدم وجود كلمة مرادفة للعصبية في الفلسفة اليونانية و كان من الصعب ترجمة الكلمة
و تحليل ما تحملها في طياتها من معاني متعددة و إلي الأن لاتوجد لغة (أي لغة) تسطتيع ان تعطي لهذة الكلمة حقها .
و لقد شرحت في بحثي الي علماء اليونان ان سر الكلمة يكمن في الزمان و المكان التي نشأت فيها هذة الكلمة في قلب الأمة العربية حيث عبرت هذة الكلمة عن تاريخ أمة و تاريخ شعب و لقد كان معي دائماً و بجواري الأعجاز اللغوي للقرآن الكريم و بالتالي كان الأنتصار واضح في النهاية .
و أخيراً قررت اللجنة المكونة من ستة اساتذة جامعايين من عمالقة الفكر اليوناني برئاسة عميد الجامعة شخصياً حيث قرروا منحي درجة الدكتوراة (بالأجماع) و تنصيبي (مؤسس للفكر الخلدوني في الجامعات اليونانية عام 1987).
و منذ ذلك الحين انتشرت الأبحاث العلمية في جميع الجامعات اليونانية عن ابن خلدون.
و من هنا أقدم شكري الي جريدة الأخبار القاهرية التي ذكرت في صفحة اخبار الناس التالي:
اليونان تكرم عالما مصريا
علي غير المعتاد حضر رئيس وزراء اليونان حفل التكريم الذي اقامتة جامعة بانديوس للعلوم السياسية والاجتماعية بمناسبة حصول العالم المصري الدكتور أمين أحمد عزالدين علي درجة الدكتوراة في "العصبية عند ابن خلدون"
الأخبار بتاريخ 8-10-1992
**********************
كما ذكرت جريدة اخبار الأدب القاهرية بتاريخ 10-10-1993
حرص رئيس وزراء اليونان في الحضور لحفل اقامته جامعة بانديوس للعلوم السياسية بمناسبة تكريم العالم المصري و المؤسس للفكر الخلدوني في اليونان لكي يلقي كلمةالتكريم لأنشاء قسم ابن خلدون و تكريم العالم المصري قائلا :
(حضرت اليوم لكي اكرم عالما مصريا سوف يضيء شمعة جديدة في شموع الثقافة اليونانية)
و مازال هذا الحدث تتناولة الصحافة العربية و اليونانية و اخيرا
مجلة المجتمع الأسلامي الكويتية بتاريخ 10-9-2011
التي ذكرت قصة الصراع بين الفكر الأسلامي و العربي عند ابن خلدون في مواجهة مع ارسطو و افلاطون موضوع البحث الذي قدمة العالم المصري.
و لقد قررت اكاديمية البحث العلمي اليوناني مع مؤسسة ارشيف الدولة في شئون الابحاث العلمية اعتماد كلمة (العصبية) ككلمة جديدة كما هي في اللغة اليونانية و تكتب علي النحو التالي
Assabiyah
(عصبية)
phdtheses.ekt.gr/eadd/handle/10442/11296
و لي الشرف اليوم أن أقدم
مجموعة ابحاثي عن العصبية
*******************
الجزء الأول :
حوار و مواجهة بين الدكتور امين أحمد عزالدين و عمالقة و اساتذة الفكر الخلدوني في العالم العربي
د. عبد الله عنان محمد – د. فخري مجيد – د. مهدي محسن – د. ربيع محمد محمود – الأستاذ تيسير الأرض – الأستاذ ساطع الحصري – العالم د. أبراهيم مدكور – د. علي عبد الواحد – د. محمد ابراهيم – د. حسين مؤنس
الجزء الثاني:
حوار و مواجهة بين الدكتور أمين احمد عزالدين و عمالقة الفكر الخلدوني في اوروبا
"سير هاملتون جيب – بيرند تريند – سير ارنولد توماس – سير باركر ارنست – جاليوم الفرد – ديفيد ساني لانا – ايف لاكوست – رنان ارنست "
الجزء الثالث:
حوار و مواجهة بين الدكتور أمين أحمد عزالدين و العالم الأمريكي
د. ناثانيل سميث – جامعة كورنيل – امريكا
الجزء الرابع:
حوار و مواجهة بين الدكتور أمين أحمد عزالدين و علماء مصر و علي رأسهم الدكتور طه حسين و الأستاذ أحمد أمين
****
و للحديث بقية
و الله المستعان
عابر سبيل
أ.د. أمين عزالدين
**********************************