حركة الترجمة المعاصرة في مواجهة خطر الحروب و صراع الحضارات

2014-11-09 12:32

 

حركة الترجمة المعاصرة في مواجهة خطر الحروب و صراع الحضارات

 

Το σύγχρονο μεταφραστικό κίνημα στην αντιμετώπιση του πολεμικού κινδύνου και την σύγκρουση πολιτισμών 

The modern translational movement dealing with the danger of war and civilisation crash 

 

 

 

 

                     الأستاذ الدكتور أحمد عتمان - رئيس قسم الأدب اليوناني  جامعة القاهرة 

و الاستاذ الدكتور أمين عزالدين- أستاذ الأجتماع السياسي بجامعة بانديوس للعلوم السياسية - أثينا                      

        

فى بداية مقدمتى اود ان اوضح دور وأهمية حركة الترجمه الحديثه  فى سياق التبادل الثقافى للأدب المصرى و العربي المعاصر والادب الاوروبى الحديث ، والذى تطور ايجابيا بعد الحرب العالميه الثانيه، من خلال   ترجمات ونقل للمعرفه من الأدب المصرى و العربي المعاصر الى الادب الاوروبى . حيث ترجمت اعمال لعميد الأدب العربى الدكتور/ طه حسين ،والأديب توفيق الحكيم ، وكذلك الاديب نجيب محفوظ ، وغيرهم ، الى اللغات الأنجليزيه، والفرنسيه، والالمانيه . وتطورت حركة الترجمه والتبادل الفكرى بقوه بعد ان اقتحمت اعمال الأديب المصرى نجيب محفوظ، وخاصة بعد حصوله على جائزة نوبل للآداب ، واصبحت أهم اعماله المترجمه فى متناول الجميع فى اوروبا فيما عدا اليونان، وربما يرجع ذلك الى عدم وجود حركة ترجمه قويه متكامله للأدب بين الجانبيين من خلال سياق التبادل

الثقافى بين مصر و الدول العربية واليونان، وربما يكون هناك ترجمات من الادب اليونانى  فى مصر، وذلك فى اطار نقل المعرفه اليونانيه الى اللغه العربيه . الا ان هناك عجز واضح فى نقل الادب المصرى و العربي إلى الأدب اليونانى ، برغم ان هناك  صلات وثيقه عبر  التاريخ القديم والحديث بين الفلسفه اليونانيه من جانب ، والفلسفه العربيه والأسلاميه من جانب آخر . فلقد راودتنى بشده فكرة تقديم بعض الاعمال للأدباء المصريين و العرب المعاصرين إلى اللغه اليونانيه وذلك حين مابدأت بتدريس بعض فقرات موجزه عن الأدب المصرى المعاصر عام 1985 الى طلبة وطالبات الجامعات اليونانيه.

ومما لا شك فيه ان المرحله الأولى قد واجهت من الصعوبات الكثيره وذلك لعدم عثورى على نص ادبى واحد يمثل عمالقة الفكر والادب المصرى المعاصر باللغه اليونانيه ، حتى ظهرت بدايه ونهايه للاديب الكبير نجيب محفوظ ، حينما استطاع أخي و صديقي الاستاذ الدكتور/ احمد عتمان ’ أستاذ و رئيس قسم  الأدب اليوناني بجامعة القاهرة (رحمة الله علية)  بترجمة هذا العمل العظيم إلى اللغه اليونانيه . وبالتالى اصبحت ترجمته بدايه ونهايه هى احد المصادر الاساسيه التى يعتمد عليها لدراسة الادب المصرى و العربي المعاصر لطلبة وطالبات الجامعات اليونانيه. وبالتالى فأن ترجمته بدايه ونهايه للغه اليونانيه هى فى الواقع ميلاد جديد، وفكر جديد، وطرح جديد . ومن هذا المنطلق فلقد قدمت بعد ذلك الأديب الراحل يحيى حقى إلى الشعب اليونانى من خلال قصته القصيره (قهوة ديمترى)وهى احد اعمال الاديب الكبير يحيى حقى عام(1926)، لتصبح خطوه اخرى ثانيه جديده، وامتداد جديد، ووجه آخر جديد فى حركة التبادل الثقافى للترجمه الحديثه لأدبنا المعاصر للغه اليونانيه. وعندما قدمت الاديب الراحل يحيى حقى الى الادب اليونانى فأننى بذلك اعطيت الفرصه للقارىء ان يلقى الضوء على ظروف وطبيعة الأدب المصرى .وفي الواقع ان تقديم نجيب محفوظ ، ويحيى حقى إلى الادب اليونانى ، هما خطوتان اساسيتان فى صرح التبادل الثقافى لحركة الترجمه الحديثه ، بل نواه اساسيه لظهور ترجمات اخرى إلى الادب اليونانى . ومما لا شك فيه ان حركة الترجمه المعاصرة ليست هدف لنقل المعارف 

والمعلومات فحسب، بل ان ا لترجمه هى تواصل حر بين الحضاره المصريه والعربيه من جانب، والحضاره اليونانيه من جانب آخر.

 

 

 

نجيب محفوظ - يوسف ادريس - يحيي حقي - محمود تيمور - طة حسين - توفيق الحكيم

 

ان تقديم نجيب محفوظ ويحيى حقى، هما خطوتان اساسيتان فى دعم حركة الترجمه الحديثة ، ونقل الأدب المصرى والعربى المعاصر للغه اليونانيه . ولقد سنحت لى الفرصه اثناء حضورى للمؤتمر الدولى للادب المقارن فى العالم العربى ، والذى عقد بجامعة القاهره يوم 20- 22 ديسمبر 1995 تحت اشراف الوزير الدكتورمفيد شهاب . ورئاسة الأستاذ الدكتور حمدى ابراهيم عميد جامعة القاهرة  ، والدكتور / احمد عتمان . والذى حضره لفيف من اساتذة الجامعات العربيه والاجنبيه ، حيث كنت ممثلا للجامعات اليونانيه فى هذا المؤتمر وقد كان لى الشرف العظيم ان تقدمنى إلى الحاضرين السيده الجليله الاستاذه الدكتوره/ فاطمه موسى ، حيث كانت أول محاضرة لي القيها في جامعة القاهرة عام 1995 عن كيفية واسلوب نقل الادب المصرى و العربي المعاصر الى اللغه اليونانيه

 و الفكراليونانى .

 كما سنحت لى فرصه اخرى فى 8/12/1996 عندما كنت ممثلا عن جامعتي  (بانديوز للعلوم السياسية بأثينا) و ذلك  بحضوري  للمؤتمر العالمى حول الادب المقارن فى محافظة- بطرا باليونان  . وكان ذلك تحت اشراف جامعة - يونيو اليونانيه . وفى هذا المؤتمر قدمت بعض اعمال للأديب نجيب محفوظ ويحيى حقى، وتوفيق الحكيم، و محمود تيمور ويوسف ادريس و كذلك قمت بترجمة بعض اعمال لعميد الأدب العربي الدكتور طة حسين الي الأدب اليوناني  .   ومن هذا المنطلق استدعانى محافظ جزيرة رودوس لأهدائي (وسام السلام للجزيرة)  

فى 27/6/1997 ، حيث القيت محاضرتى عن اللغه العربيه والادب العربى ، وترجمة اعمال الادباء المصريين الى اللغه اليونانيه كجسر للتواصل بين شعوب البحر الابيض المتوسط و ذلك في مؤتمر بجامعة باطرا و قام العميد بأهدائي وسام الجامعة   .

وامتدادا لهذا المشروع الحضارى الثقافى الذى سيحدد من خلاله طبيعة العلاقات التاريخيه التى ستعتز به الأجيال القادمه فى المستقبل ، فلقد قررت تقديم (فارس الكلمه العربيه)والاديب الراحل - يوسف ادريس - الى الفكر اليونانى في عدد ترجمات (الأم - حمار بنضارة - الساعة و كذلك تاريخ حياة الاديب الكبير).

ولقد كان اختيارى للأديب يوسف ادريس له معنى ودلالات فى نفسى، حيث اننى اقترب منه بعض الشىء فى اسلوبه ، وفلسفته التى تدور حول فلسفة القلق واليقين على ارض الواقع والتى عاشهاالاديب العظيم من خلال مرحلة الصراع الطويل ، والتى ظهرت من خلال اعماله التى انبعثت من احشاء الرؤيه الانسانيه للبيئه المصريه، وبالتالى فلقد كان قرارى بتقديم تاريخ حياة الاديب يوسف ادريس هو فى الواقع ميلاد جديد، وفكر جديد، بل وطرح متنوع جديد يعبر عن اصالة الشعب المصرى ’ فلقد كان الاديب الراحل فى صراع طويل حول معنى الحياه والموت وقضية الواقعيه للجانب الانسانى المصرى ولهذا انبثقت كلماته ما بين الامل والرجاء حتى اصبحت اعماله معجزه لقضايا داخل المجتمع المصرى وبالتالى فأن تقديمى لحياة الاديب يوسف ادريس، هو انفتاح جديد لشخصيتة  ، ونقلها من اللغه العربيه الى اللغه اليونانيه . حيث تميز الأديب بحسه الوطنى ،

وبكتاباته التى تعبر عن صدق وعمق الجانب الانسانى فى الانسان المصرى بمشاكله وارتباطه بالارض ، وعمق المشكله الاجتماعيه التى كان يواجهها حتى  ثورة 23 يوليو 1952 . وبالتالى فأن الاديب استخدم اسلوبا جديدا مختلفا فى الحوار من خلال انماط مختلفه تمثل القيمه القدريه عند المؤلف .

واخيرا يشرفنى ان اقدم الاديب الراحل يوسف ادريس الى الفكر اليونانى ، كرمز للصداقه المصريه اليونانيه. وفى نفس الوقت ايمانا منى ان هذا العمل سوف يعطى دفعه قويه ثقافيه وحضاريه فى سياق تبادل التراث الانسانى بين

الشعبين . ومن جانب آخر فهو محاوله جاده للتعريف الشامل عن هوية الفكر الانسانى للانسان المصرى  التى تنبثق من ضميرهذه الأمه وايمانها بالله والأنسان. 

 واليوم ونحن فى بداية القرن  21، نواجه مشاكل خطيره وأكثرتعقيدا مثل مشاكل البيئه وتلوث المناخ، والحدود الجغرافيه و التعصب الديني و هي

ازمات مستقبلية تهدد بالصراع العرقي و الديني بجانب الخوف علي 

مصير البشريه و امامنا خطر الحروب فى منطقتى البلقان، والبحر المتوسط و المنطقة العربية.وذلك يرجع الى غياب الدور الثقافى والحضارى فى اطار فكرة صراع الحضارات والتى طرحت بعد احداث الحادى عشر من سبتمبر .كل هذه الموضوعات تدعو الى القلق من المستقبل، وبالتالى يجب ان نواجه ذلك بالمناقشه والحوار عن حلول امثل ، وذلك امر ضرورى وحتمى اليوم ، بل اننا فى حاجه ملحه لطرح فكرة التقارب بين الحضارات وذلك بالتقارب بين الشعوب من خلال اللقاءات فى المجالات

(السياسيه- الاقتصاديه- الاجتماعيه- الثقافيه) ، لكى نحمى يومنا ومستقبلنا من صراع وهمى يسمى صراع الحضارات وبالتالى ان جميع اعمالى سواء الادبيه أو العلميه كانت تدخل فى اطار تبادل التراث الفكرى بين الحضارات ، وبالنسبه لى شخصيا فأنه الامل الذى اتمنى واسعى الى تحقيقه

 

عابر سبيل

أ.د. أمين أحمد عزالدين 

رئيس الجمعية العلمية اليونانية للدراسات العربية و الأسلامية